الثلاثاء، 31 مايو 2011

الشركات الأميركية تتحول إلى تصنيع السيارات الصغيرة





بعد تفوق نظيراتها اليابانية عليها على مدار أعوام، جعلت شركات السيارات الأميركية السيارات الصغيرة جزءا مهما من استراتيجيتها، في محاولة للاستفادة من تحول جوهري فيما يفضله العملاء في وقت تشهد فيه أسعار البنزين ارتفاعا سريعا ومطردا.
ومن خلال إعادة التركيز على سيارات صغيرة وعدم الالتزام بسيارات تستهلك مقدارا كبيرا من البنزين سيطرت لفترة طويلة على قطاع السيارات، تسعى شركتا «جنرال موتورز» و«فورد»، على وجه الخصوص، إلى المحافظة على دوريهما واتخاذ بعض الخطوات لتحسين وضعيهما. وقد أثمرت جهودهما بالفعل داخل السوق. وحققت السيارة «فيستا» الصغيرة التابعة لـ«فورد» أعلى مبيعات داخل الولايات المتحدة خلال العام الحالي. وتجاوزت مبيعات «شيفروليه كروز» التابعة لـ«جنرال موتورز» مبيعات السيارات المدمجة الأخرى داخل أميركا خلال الشهر الماضي، باستثناء السيارة «هوندا سيفيك»، التي جاءت في الصدارة.
وتقريبا كان بين كل أربع سيارات داخل الولايات المتحدة خلال شهر أبريل (نيسان) سيارة واحدة مدمجة أو صغيرة، بالمقارنة مع سيارة واحدة من بين كل ثماني سيارات قبل عشرة أعوام. ومن بين السيارات الصغيرة المباعة خلال أبريل (نيسان)، مثلت الموديلات الأميركية نسبة 27 في المائة، بالمقارنة مع 20 في المائة قبل عام.
ويقول جيرمي أنويل، الرئيس التنفيذي لموقع أبحاث السيارات (Edmunds.com): «يوجد إقبال على الأشياء الصغيرة. لم يكن هذا حال الطلب والإقبال على هذه السيارات قبل أربعة أو خمسة أعوام».
وقد أثار التحول الذي شهدته ديترويت أسوأ أزمة مالية تحدث على مدار عقود، كما شجعت عليه ظروف غير مألوفة.
وقدم اتحاد «عمال السيارات المتحدين» تنازلات كبيرة في الأجور والميزات. واستخدمت الإدارة الأميركية فرصة إفلاس «جنرال موتورز» و«كرايسلر» للضغط عليهما من أجل الاقتصاد في الوقود. وأصبحت شركات يابانية مصنعة للسيارات مثل «تويوتا» و«هوندا» راضيتين عن وضعيهما وأنهما من الشركات الأوفر حظا. كما طرأت تغيرات مفاجئة على نفسية مشتري السيارات الأميركي.
ويقول جيمس فارلي، رئيس المبيعات والتسويق عالميا لدى شركة «فورد»: «الشيء الأكثر أهمية الذي كان علينا القيام به هو استعادة سمعتنا كشركة مقتصدة في استهلاك الوقود. ومن دون ذلك، ما كنا لنستطيع دفع شريحة واسعة من المواطنين للنظر في هذه المنتجات الجديدة».
وبعد عقود من تقديم سيارات صغيرة لا تستطيع المنافسة على نحو مخجل مثل «شيفي فيغا» و«فورد بينتو»، التي نادرا ما كانت تضيف شيئا لأرباح الشركة، قامت شركتا «جنرال موتورز» و«فورد» بتكريس مواردهما العالمية الواسعة لإنتاج موديلات جديدة مقتصدة في استهلاكها للوقود وتزخر بالتقنية والخصائص الجذابة. وقد كانت شركة «كرايسلر»، وهي الأصغر في شركات السيارات داخل ديترويت، أبطأ في إجراء تعديلات، وبمساعدة شريكتها الإيطالية «فيات»، تنوي «كرايسلر» السير في نفس الاتجاه، ومن المتوقع أن تقدم موديلا مدمجا جديدا خلال العام المقبل.
وبات مؤكدا أن التركيز على السيارات الأصغر بات شيئا ضروريا بالنسبة إلى شركات السيارات التي تسترد عافيتها، حيث تسببت الأسعار المرتفعة للوقود في الابتعاد عن السيارات الأكبر منذ ربيع 2008 عندما بلغت أسعار الغاز 3.50 دولارا للغالون. ويقول محللون في القطاع ومسؤولون تنفيذيون إنه يحتمل استمرار هذا التحول مع تدافع العملاء على شراء السيارات الصغيرة التي بها سمات مثل المقاعد الجلدية الحرارية والقدرة على استخدام الإنترنت ونظم ترفيه يمكن تشغيلها صوتيا.
ومع بيع كل سيارة صغيرة جديدة، يتأكد القبول الذي تحظى به علامات أميركية فيما تتمكن شركات السيارات من محو الذكريات السيئة عن «السيارات الصغيرة الموفرة للوقود» غير الجذابة ورخيصة الثمن خلال الماضي.
ويقول كريستوفر غارشيا ريفيرا، من نورثبوروه بولاية ماساتشوستس، والذي يقدر استهلاك الوقود بمتوسط 40 ميلا تقريبا للغالون في سيارة «فورد فيستا» اشتراها مقابل 14900 دولار في أبريل (نيسان): «هذه السيارة غيرت من انطباعي عن ديترويت، هذه أفضل لحظة». وتظهر علامات تؤكد على التغيير في كل مكان داخل موطن الصناعة في ميتشغان، حيث حولت شركة «فورد» مصنعا سابقا للسيارات «إس يو في» لتصنيع سيارات صغيرة سيتاح منها موديلات الهجين والكهربائية، فيما تستعد «جنرال موتورز» لعمل أول موديل صغير تنتجه داخل الولايات المتحدة.
وحصلت شركة «فورد» على ميزة في سعيها لإنتاج سيارات صغيرة عندما استعملت شخصا من خارجها، وهو آلان مولالي من «بوينغ»، لإعادة تنظيم عملياتها قبل خمسة أعوام. ولكن كان على شركة «جنرال موتورز» أن تشهر إفلاسها في 2009 قبل أن تقلل اهتمامها بالسيارات الكبيرة.
ويقول مارك رويس، رئيس «جنرال موتورز» في شمال أفريقيا: «ركزنا مواردنا على ما كان يهتم به السوق، وعلينا أن ننفق الأموال من أجل تصنيع سيارات صغيرة رائعة».
وقد تراجعت سيطرة السيارات اليابانية الصغيرة، بصورة جزئية، لأن «تويوتا» وشركات أخرى لم تحدث موديلاتها بصورة مستمرة خلال الأعوام الأخيرة. ويقول جون منشيده، مساعد القاضي المتقاعد في هاي ريدج بولاية ميسوري، الذي دفع 19.700 دولار مقابل سيارة «كروز» تحتوي على محرك توربو وجهاز اتصال لاسلكي عبر البلوتوث: «في الواقع تركت (تويوتا) الكرة من خلال الشكل غير الجذاب والتصميم الداخلي البلاستيكي». وأضاف: «أريد شيئا به الكثير من الكماليات، وهذا ما حصلت عليه».
ومع ذلك، ما زالت السيارات الأجنبية تطرح منافسة عنيفة داخل ديترويت، فقد قدمت شركة السيارات الكورية «هوينداي» موديلات حظيت باستقبال حسن، كما بدأت شركة «هوندا» أخيرا ببيع إصدار جديد من السيارة «سيفيك»، التي تحتل الصدارة منذ وقت طويل. ولكن بدلا من استحواذ عدد قليل من الموديلات اليابانية على معظم المبيعات، نجد أن شريحة السيارات المدمجة تتحرك في مجال واسع رحب حاليا.
ويقول جون ميندل، رئيس المبيعات الأميركي البارز لدى «هوندا»، إن شركة السيارات اليابانية كانت واثقة من أن سياراتها الصغيرة ستواجه تحديا من الموديلات الأميركية الأخيرة. ويشير إلى ظهور «منتجات أفضل من منافسينا»، مضيفا: «هذا شيء جيد بالنسبة إلى السوق الأميركية، ولكن لا تزال السيارة (سيفيك) هي المحددة للاتجاه».
وفي الماضي، أهملت شركات السيارات داخل ديترويت السيارات الصغيرة لأنها لم تكن تحقق مكاسب منها. ولكن تغير ذلك لأسباب عدة، حيث إن تكاليف العمالة أصبحت أقل بعد أن وافق اتحاد «عمال السيارات المتحدون» على تقديم تنازلات في مجال الرعاية الصحية للمتقاعدين وتخفيض الأجر بنسبة 50 في المائة للعمال الجدد. كما توزع شركتا «جنرال موتورز» و«فورد» تكاليف تطوير السيارات المدمجة والصغيرة على شعبها العالمية في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.
وتصنع شركة «فورد» تشكيلات من سيارتها «فوكس» الجديدة بمختلف أنحاء العالم. ولكن يصنع التصميم الأساسي والمكونات الهندسية للسيارة داخل أوروبا، حيث يقدر العملاء القيمة وتوفير الوقود وأداء الموديلات الأصغر. ويقول دريك كوزاك، مسؤول المنتج العالمي لدى «فورد»: «الطريقة التي نعمل بها حاليا هي استخدام فرق عمل ذات أفضل معرفة بالأسواق».
ولا تزال الشركات تحقق أرباحا أكبر من الشاحنات والسيارات «إس يو في»، ولكن تعرض السيارات الصغيرة حاليا بأسعار أفضل. وقبل عام، كانت تباع السيارة سيدان الصغيرة السابقة لـ«جنرال موتورز» «شيفروليه كوبالت» مقابل متوسط 18.400 دولار، بحسب ما يفيد به الموقع الإليكتروني (TrueCar.com). ولكن في الشهر الماضي بيعت السيارة «كروز» النموذجية مقابل 20.600 دولار.
ويراعي المسؤولون التنفيذيون داخل ديترويت أنه ما زال أمامهم الكثير. ويتراجع رويس عندما يتذكر بعض المنتجات التي لم تحقق المعايير المطلوبة لـ«جنرال موتورز» في السابق، ويتعهد بعدم تكرار هذه الأخطاء. ويقول: «لقد تغيرت شركتنا للأبد. ولدينا وسيلة لنجعل الأمور تسير في الوضع الصحيح هذه المرة».
عرف رويس أن «جنرال موتورز» كانت في الطريق الصحيح عندما ترك إحدى السيارات «كروز» الجديدة بعد خروجها من خط التجميع داخل متجر في ضواحي ديترويت. هرعت موظفة بالمتجر لتنظر إلى السيارة. ويقول رويس: «قالت: لا أصدق أن شيفروليه تصنع سيارة بهذا الحجم، إنه شيء رائع»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق